الجمعة، 12 أبريل 2019

"المعزي = النبي"


بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد؛
فقد لاحظت بالأمس قدرًا خلال قراءتي لبعض معاني الأسماء الٱرامية الاسم "برنابا" = בר-נבא ومعناه = بن النبوَّة؛ وقد ذكر الكاتب شاهدًا لذكر الاسم في كتاب العهد الجديد "أعمال الرسل 4 : 36" ؛ ووضع الكلمة اليونانية.
 

قبل اتجاهي لدراسة الكتاب اليهودي ومنه إلى العبرية ثم اللغات السامية المقارن؛ كنت قد درست العهد الجديد مرورًا بجل الكتب الأبوكريفا المنشورة، وبعض كتابات الٱباء، ثم بعض اليونانية والسريانية ، إلا أنني أكاد لا أذكر من ذلك إلا القليل "مر على ذلك أكثر من أربعة عشر سنة" ؛ غير أنَّ كلمة المعزي لا أنساها.
 

فلما رأيت الكلمة اليونانية وجدتها أقرب ما يكون إلى "المعزي" وكأنها المصدر من الفعل، فسألت أحد الأساتذة فأفادني بنقلٍ للكلمة من أحد المعاجم اليونانية ؛ نذكر الشاهد أولا "ويوسف الذي دُعي مِن الرُسل برنابا، الذي يُترجم بن الوعظ... "
فوجدت الٱتي :
كلمة "الوعظ" جاءت "باراكليسوس = التعزية " وهي من نفس الفعل الذي اشتق منه اسم الفاعل "المعزي = باراكليتوس".
 

فما علاقة النبوة بالتعزية؟ هل بينهما ترادف؟ .. سيتضح الأمر مع السرد.
كان لليهود في الفترة المزامنة للمسيح عليه السلام طريقة عجيبة في وضع الألقاب، كانوا يلقبون الشخص بالفعل أو الصفة أو الأمر الملازم له أو المشتهر به باستخدام التعبير "بن - كذا" .. وأذكر شمعون مثالا على ذلك ، والذي زعم أنه مسيح اليهود المنتظر؛ وصفته عندهم أنه ملك محارب يهزم الروم؛ فقد زعم شمعون أنه المتنبأ به على لسان بلعام في نبوءة سفر العدد عن النجم الخارج من يعقوب؛ حينها لقبه أتباعه من كفار اليهود ب "بركوخبا = בר-כוכבא = بن النجم" ، فلما هُزم شر هزيمة على يد الرومان ولم يقض على مملكتهم كما هي صفته عند اليهود؛ علم أتباعه أنه كذاب؛ فلقبوه ب "بركُزبا = בר-כזבא = بن الكذب".
 

فما الذي دعا رسل المسيح أن يلقبوا يوسف ب "برنابا = بن النبوة" ؟ هل اشتهر عنه الحديث عن المعزي = النبي؟ ... هل هذا الذي دعا مؤلف إنجيل برنابا أن ينسبه له دون غيره؟ ... لا أتكلم هنا عن صحة هذا الإنجيل من عدمه.
نعود لصلب الأمر. 

لماذا ترجم مؤلف أعمال الرسل = لوقا ؛ كلمة "النبوة = الأرامية" إلى "باراكليسوس = التعزية" ؟
هل المعزي "الٱخر" الذي تكلم عنه المسيح عليه السلام نبي؟ فاختار مؤلف الإنجيل أو المحرر كلمة التعزية عوضا عن النبوة حتى يشوِّه اعتراف المسيح عليه السلام لنفسه بالنبوة "بمفهوم المخالفة لكلمة ٱخر" ، وليشوه دلالة الشخص المُبشر به؛ فيحتار القارئ في طبيعته؟ خاصة بعدما وضع أحد المحرفين كلمة "روح القدس = يوحنا 14 : 26" في زمن متأخر والتي لا تثبت في أقدم المخطوطات!
أم أن هناك أمر ٱخر ؟
ما علاقة التعزية بالنبوة ؟


إشعياء 40 يخبرنا ببعض التفاصيل.
دعونا نقرأه من أوله على مهل ونتأمل ما قيل :


عزو عزو شعبي يقول إلهكم = الأمر إلهي بالتعزية ، فمن المكلف بالتعزية؟ إنهم الأنبياء؛ راجعوا ترجوم يوناثان للنص!

..
بماذا التعزية؟
جاءت التعزية على لسان ثلاثة = أنبياء.
أحدهم جاء ليختم النبوة والرسالة = جهادها قد كمل

؛ فالكلمة التي تُرجمت هنا بالجهاد إنما هي خدمة الهيكل = الخدمة الدينية ؛ راجع (سفر العدد 4 : 3)على سبيل المثال لا الحصر.
ويبشر المؤمنين به أن الإصر والذنب الذي وضع على بني إسرائيل قد استبدله الله بالرحمة؛ فقد كافأهم الله بكفلين من رحمته.
كفلين؟
نعم كفلين كما جاء النص العبري بالتمام "כפלים" وترجمها المترجم "ضعفين" ... راجعوا المعاجم.


من الذي جاء بهذه التعزية ؟
إنه محمد النبي المعزي صلى الله عليه وسلم؛ قال تعالى مخاطبًا المؤمنين من أهل الكتاب "يآءيها الذين ءامنوا اتقوا الله وءامنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورًا تمشون به ويغفر لكم واللهُ غفور رحيم".


وقد شهد لهذا المعزي قبله اثنان من الأنبياء المعزيين ؛ فقد جاء النص مبينًا موطن بعثته وأنه ليس من بني إسرائيل!
الشاهد الأول نبي معزٍّ قال عنه النص :
صوت صارخ = صوتُ داعٍ ؛ فكلمة קורא معناها = منادٍ ، داعٍ ، صارخ، قارئ.. راجعوا المعاجم.


ثم يبدأ نص دعوته من كلمة "في البرية" لا كما حرفته الترجمة العربية فجعلت الداعي يدعوا في البرية ! .. هكذا هو النص الماسوري وهكذا جاءت أقدم المخطوطات العبرية من قمران ، مخطوطة 4Q176 على سبيل المثال لا الحصر ؛ " صوت داعٍ : في البرية أعدوا طريق الرب، قوموا في صحراء العرب طريقًا لإلهنا ".
 

صحراء العرب!! .. نعم راجعوا المعاجم تحت كلمة "הערבה"
ودعوته لكل العالم .. يقول النص = ويُعلن مجد الرب ويرى جميع البشر أن فم الرب تكلم
يجدر هنا الإشارة لبحث الأستاذ محمد شاهين الذي يبين فيه أن اليهود يعلمون من كتبهم أن النبي الخاتم لا يخرج من الجليل "هنا"


أما المعزي الثاني الذي شهد له ؛ فقد بين أن النبي الخاتم ليس من بني إسرائيل، بل سيستبدل الرب هذا الشعب وتبقى كلمته إلى الأبد ؛ وتكلم هذا الداعي المعزي بالأمثال ! .. أتعلمون من هو المعزي الذي كان يتكلم دائمًا بالأمثال؟ 

ماذا قال.. قال إن مثل الناس كمثل العشب ، وجماله "أجمل ما فيه = الأنبياء " هو الزهر النابت في العشب ؛ فهذا العشب وما به من زهر ييبس ويذبل ! .. فأي عشب يقصده المعزي؟
إنه الشعب كما جاء النص ، شعب إسرائيل .. ييبس، لكن كلمة الله تبقى!

علمتم لماذا سماه المسيح معزياً ٱخر؟ 


...
#وإنه_لفي_زبر_الأولين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق