الجمعة، 12 أبريل 2019

المعاجم العبرية : سؤال وجواب

سؤال :

في تصوري أن الذين قاموا بعمل معاجم للعبرية القديمة ..
إنما استقوا معاني مفردات المعجم من مفسري العهد القديم.
على ذلك، فهو ليس معجمًا للغة العبرية على الحقيقة ..
إنما هو معجم للغة العهد القديم.

وعليه أيضًا، فإذا جادلنا أحداً في معاني العهد القديم أحالنا إلى معاجم اللغة على أساس حيادية شهادتها .. والحال أن المعاجم إنما هي مأخوذة من مفسري العهد القديم.
فهل هذا التصور صحيح ؟
وإلا، فهل هناك نصوص لغوية أخرى خلاف أسفار العهد القديم اعتمد عليها صانعو المعاجم ؟
أنا قرأت أن هناك بعض النصوص الأخرى .. لكن :
هل هذه النصوص ذات غنى لغوي كماً أو كيفاً لتؤدي مهمتها ؟

وهل لصانعي هاتيك المعاجم طريقة للوصول إلى المعاني خلاف الرجوع إلى مفسري العهد القديم ؟
ولتكتمل الصورة :
ما مدى اعتماد المعاجم العبرية - المعتبرة - على مفسري العهد القديم من النصارى ؟

وجزاكم الله خيرًا.
..
..
..
..

الجواب

حياكم الله.. سؤال شديد الصعوبة ؛ يحتاح إلى دراسة تفصيلية.

تصور صحيح بالجملة .. إشكالية العبرية القديمة الأولى هي فقر المصادر اللغوية ؛ فالمصدر الرئيس هو العهد القديم ذاته والذي _ إن صح ذلك _ يمثل حقبة زمنية تزيد على الألف عام؛ وهي فترة كافية لتغير دلالات الألفاظ، خاصة مع الاحتكاك بكثير من الحضارات والألسن السامية وغير السامية.
ثم تأتي بعد ذلك بعض النقوش والرسائل والأختام الفقيرة جدا كشواهد لغوية كمًا وكيفًا.
فترى أغلب المعاجم تعتمد على التفسيرات والترجمات القديمة لمعرفة دلالات الألفاظ حسب سياقها الذي جاءت فيه في الكتاب.
ثم يأتي دور المقارنات اللفظية بين العبرية وأخواتها السامية "خاصة من داخل العائلة الكنعانية" ؛ لا لإثراء المعنى وإنما للتأكيد عليه "غالبا" ، ويظهر ذلك في ضعف هذا الجانب في تلك المعاجم "أظهر ما يكون في استعمال المفردات العربية": لا يُعلم أسببه الجهل أم التغافل.

فترى معاجمهم تتفاوت في استعمالها لهذه الجوانب.
فهناك بعض المعاجم التي ركزت بشكل أكبر على المترادفات اللفظية بين اللغات السامية لإثراء المعنى؛ ولكنها لا زالت تتناول الدلالات اللفظية لكثير من الألفاظ المُشكلة على استحياء دون توسع أو استفاضة.

هناك كثير من الدراسات اللغوية النقدية والتي تعرض ما لا تعرضه تلك المعاجم الموجهة من دلالات واستعمالات لفظية مع مراعاة الواقع التاريخي والجغرافي يعمل عليها كثير من الباحثين في اللغة غير المحسوبين على طائفة من الطوائف.
وهناك بعض المعاجم الحديثة التي قد يعول عليها بعض الشيء ؛ لاعتمادها بشكل أكبر على الجانب اللغوي المقارن مع ما فيها من تقصير لا يمكن تجاهله.

وكما تفضلتم بالذكر؛ فإن تلك المعاجم إنما وضعت لخدمة المعتقدات لا اللغة؛ فالمعاجم النصرانية نصرانية، واليهودية يهودية؛ وأفضل سبيل هي الدراسات اللغوية المستقلة لما فيها من استفاضة وتوسع وقدر لا بأس به من التجرد العلمي.
وقد ذكرتُ لبعض الإخوة منذ أيام في معرض الكتاب أن جانب اللغة هو من أكثر الجوانب التي يؤتى منها كتاب اليهود مِن قِبَلهم، بل أزعم أنهم يعلمون كثيرًا من دلالات الألفاظ ويُخفونها ولا يُظهرون منها إلا ما يتماشى مع معتقداتهم الفاسدة. 

#عبرية_الكتاب #أسئلة_واستفسارات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق